فلسفة التشريع عند حمورابي

فلسفة التشريع عند حمورابي (1792- 1750)

احتلت الدولة في حياة العراقي القديم منذ الألف الثاني ق. م موقعاً متقدماً، وكذلك (القانون)، ولا نغالي إذا قلنا أن فلسفة القانون والقاعدة الحقوقية والالتزام الخلقي من المبادئ الأساسية في المجتمع العراقي منذ ذلك الحين.
فقد تميز الإنسان الرافدي بوعي اجتماعي متطور وبخاصة في باب الحقوق والواجبات، حتى أنهم اعتادوا على ممارسة حقوقهم وحرياتهم في حدود (القانون) باعتباره الأداة التي تحقق العدالة.
وقد وضع حمو رابي مدونة قوانين نظمت في دقة أحكام القانون المدني في بابل ويشمل الملكية والعقود والزراعة والتجارة وأعمال الصرافة والزواج والتبني والإرث وكذلك سير المرافعات القضائية.
وقد حرم حمو رابي الانتقام بسفك الدماء وقصر تطبيق شرعه المثل بالمثل على إجراءات المحاكم المقررة، فالناس من كل الطبقات الغريب والمولود في البلاد، على السواء تنظمهم حماية القانون، ومن الطرافة بمكان بالغ أن نقرأ كيف أن أمثال هذه المسائل الحديثة كالإعفاء من الخدمة العسكرية وثبات الملكية والتعويض عن ديون الزوجة والحقوق الشرعية للنساء والأطفال، نظمها هذا الحاكم البابلي في ختام السنوات الألف الثالثة ق. م.
ونجد قوانين الأحول الشخصية في شريعة حمو رابي مثلتها المواد (127- 194) التي عالجت مسألة الأولاد ورضاعتهم، وعدم شرعية الزواج بدون عقد شرعي، بالإضافة إلى نصيب المرأة بالتجارة وتمتعها بالحرية في ممارسة هذه التجارة وحرية الفتاة الغنية في التزوج من عبد، وبروح المشرع المسؤول، تجاوز حمو رابي في المادة (133) مسألة زواج المرأة التي تفقد في حرب أو ما شابه، في الزواج بآخر، إلى الانتظار في حالة وجود ما يكفيها من الطعام، أما إذا ثبت عدم محافظتها على عفتها، مع تيسر سبل العيش لها، فتلقى في الماء (المادة 133ب) أما إذا لم يترك ذلك الرجل الطعام الكافي لها(المادة 134) فلا جناح عليها، لأن ها دخلت بيت رجل ثان (تتزوج) وبذلك قرن المشرع سلوك الفرد بظروفه المعاشية والاجتماعية، أما إذا دخلت تلك الزوجة – التي لم تكن تمتلك الطعام الكافي- بيت رجل، قبل عودة زوجها، وأنجبت منه أولاداً فتعود إلى زوجها عند عودته (تطلق) مع بقاء الأولاد مع أبيهم، وأكدت المادة (136) على عدم رجوع الزوجة التي دخلت بيت رجل ثان (تزوجها) بعد هروب زوجها من الحرب، إلى الزوج عند عودته في نهاية الحرب.
ولكي لا يخدش حمو رابي كبرياء الرجل ومكانته الاجتماعية ساوى في المادة (170) بين أبناء الزوجة وأبناء (الأمة) وأبناؤها، ولا يحق لزوجته أو أولادها التحكم بهم مطلقاً (المادة171) معنى ذلك أن حمو رابي أقر عدم ديمومة العبودية على الأرقاء (من النساء والأولاد) ويتحررون حال وفاة الأب، على خلاف ما لوحظ في بيئات أخرى.
ولم تميز شريعة حمو رابي في، قسمة الإرث بين الأولاد والبنات، مهما كانت درجاتهم، كما خصصت للزوجة حصة مساوية لأبنائها في الميراث، فإذا أساء الأبناء معاملتها، وأرادوا إخراجها من البيت، فعلى القضاء معاقبة الأبناء، وإبقاؤها في بيت زوجها.

Comments

Popular posts from this blog

التبادل السياحى بين مصر ومملكة أطلنتس

السياحة المستدامه. والتعاون الدولي