الفلسفة فى مصر القديمة

الفلسفة في مصر القديمة


الفلسفة**
كَلِمَةٌ تَعْنِي فِي الأَصْلِ الْحِكْمَةَ ، مَحَبَّةَ الْحِكْمَةِ ، وَصَارَ يُقْصَدُ بِهَا كُلُّ الأَفْكَارِ الْمُسْتَنْبَطَةِ بِالْعَقْلِ وَإِعْمَالِ الْفِكْرِ حَوْلَ الْمَوْجُودَاتِ وَمَبَادِئِهَا وَعِلَلِهَا 
                      فلسفَ يفلسف ، فَلْسَفةً ، فهو مُفَلْسِف ، والمفعول مُفَلْسَف 
فلسف الشيءَ : فسَّره تفسيرًا فلسفيًّا ، أي عرَّفه بعِلله وأسبابه اعتمادًا على العقل

 

*الفلسفة في عصر مصر القديمة لها قوانين وتعاليم مختلفة لنا بعض الشئ عن ما نعرفه في العصر الحالي  
ولقد إعتاد مؤرخو الفلسفة أن يبدأوا قصتهم باليونان ، وأن الهنود الذين يعتقدون أنهم مخترعوا الفلسفة، والصينيين الذين يعتقدون أنهم بلغوا بها حد الكمال ،  ولقد كانت حكمة المصريين مضرب المثل عند اليونان الذين كانوا يعتقدون أنهم أطفال بالقياس إلى هذا الشعب القديم. وأقدم ما لدينا من المؤلفات الفلسفية "تعاليم بتاح حوتب" وتاريخه يرجع على ما يبدو لنا إلى عام 2800 ق.م أي إلى ما قبل كنفوشيوس و سقراط و بوذا بألفي عام وثلاثمائة. وكان بتاح حوتب هذا حاكماً على منف وكبير وزراء الملك في أيام الأسرة الخامسة(الملك جد كارع اسيس). فلما اعتزل منصبه قرر أن يترك لولده كتاباً يحتوي على الحكمة الخالدة. ثم نقل بعض العلماء المصريين قبل عهد الأسرة الثامنة عشرة هذا الكتاب بإعتباره من أمهات كتب القدماء. (متحف اللوفر بباريس)
وقد ورد فى سياق نصائح بتاح حتب السبب الرئيسى لتأليف هذة النصائح حيث كان يرغب بعد أن تقدم بة السن أن يتولى منصبة الوزارى ابنة من بعدة فذكر ذلك للملك بقولة
*قد حلت الشيخوخة ، وامتلأت الاعضاء الاما وظهر الكبر كأنة شئ  جديد ، وظهر الهزال بعد قوة ، وأصبح الفم ساكتا لا يتكلم ، وضاقت العينين ، واصاب الصمم الاذنين ....والقلب كثير النسيان ولا يذكر ما حدث بالامس ، والعظام تتألم من تقدم السن ، والانف كتم فلا يتنفس ، وأصبح القيام والقعود كلاهما مؤلما وتحول الحسن الى قبيح ولم يعد لشئ مذاق ، وتقدم السن يجعل الانسان مخطئ فى جميع الامور.
*ثم يطلب الوزير بتاح حتب من الملك ان يأمر بأن يكون لة عصا للشيخوخة وذلك بتعيين ابنة فى وظيفتة فأجابة الملك الى ذلك بعد ان قال لة
*علمة اولا الحديث....وانى ارجو ان يكون مثالا لأولاد العظماء ، وليت الطاعة تكون رائدة ويدرك كل فكرة صائبة ممن يتحدث الية ، فليس هناك ولد يدرك الفهم من تلقاء نفسة.
فلما أذن له أخذ بتاح حوتب ينصح ولده بقوله:

*لا تكن متكبرا بسبب علمك ولا تتعال لأنك رجل عالم ، استشر الجاهل كما تستشر العالم لان نهاية العلم لا يمكن الوصول اليها وليس هناك عالم مسيطر على علمة تماما ، ان الحديث الممتع أشد ندرة من الحجر الاخضر الكريم.
 ... فعش إذا في بيت ألطف يقبل عليك الناس طائعين يقدمون إليك الهدايا... وإحذر أن تخلق لنفسك الأعداء بأقوالك ... ولا تتخطى الحق ، ولا تكرر ما قاله إنسان غيرك ، أميراً كان أو فلاحاً ليفتح به قلوب الناس ، لأن ذلك بغيض إلى النفس... " وإذا أردت أن تكون حكيما فليولد لك ولد لتسر بذلك الآلهة... فإذا سار في سبيله مقتديا بك ، وإذا نظم أمورك على أحسن وجة، فقدم له كل الخير... أما إذا كان عديم المبالاة، وخالف قواعد السلوك الطيب ، وكان عنيفاً ؛ وإذا كان كل ما يخرج من فيه هو فحش القول، فإضربه، حتى يكون حديثه صالحاً ... وفضيلة الإبن من أثمن الأشياء للأب ، وحسن الأخلاق شيء لا ينسى قط... " ، وإذا كنت ذا سلطان فاسع لأن تنال الشرف عن طريق العلم ورقة الطباع ... وإحذر أن تقاطع الناس ، وأن تجيب عن الأقوال بحرارة، أبعد ذلك عنك ، وسيطر على نفسك".
ويختم بتاح حوتب نصائحه بهذه العبارة المليئة بالفخر والإعجاب: "لن يمحى من هذه البلاد إلى أبد الدهر لفظ من الألفاظ المدونة هنا، ولكنها ستتخذ نماذج وسيتحدث عنها الأمراء أحسن الحديث... إن كلماتي ستعلم الرجل كيف يتحدث ؛... أجل إنه سيصبح إنساناً حاذقاً في الطاعة بارعاً في الحديث ؛ سيصيبه الحظ الحسن؛... وسيكون ظريفاً إلى آخر أيام حياته ، وسيكون راضياً على الدوام". ولكن هذه النغمة السارة المستبشرة لا تدوم في التفكير المصري ؛ بل تسرع إليها الشيخوخة فتداهمها وتحيلها إلى نكد وكآبة.
بقلم /الباحث والكاتب فى علم المصريات
محمود البيومى غريب


Comments

Popular posts from this blog

التبادل السياحى بين مصر ومملكة أطلنتس

السياحة المستدامه. والتعاون الدولي